يرى المفكر عباس محمود العقاد أن العربية أجدر بلغة «الحاء» بدلا من «لغة الضاد»، ويشير إلى أن حرف الضاد خص بالشؤم يسمم جبين كل لفظة بمكرهة لا يكاد يسلم منها اسم أو فعل، ويستشهد بإيراد عدد من المفردات التي تبدأ بحرف الضاد مثل: ضجر، ضر، ضير، ضجيج، ضوضاء، ضياع، ضلال، ضنك، ضيق، ضنى، ضوى، ضراوة، ثم يضيف مقارنا حال حرف الضاد بحرف الحاء فيورد كلمات تحتكر أشرف المعاني تبدأ بحرف الحاء مثل: حب، حق، حرية، حياة، حسن، حلم، حزم.. وهو يرى أن حرف الحاء لهذه المزية ولامتناعه ـ أو على الأقل مشقته ـ دون سائر حروفنا الحلقية على حناجر الأعاجم أولى بأن تنسب إليه لغتنا، فيقال عنها لغة «الحاء» بدلا من «لغة الضاد». وقد وصف الشاعر السعودي الراحل أحمد بن إبراهيم الغزاوي في كتابه «شذرات الذهب» ما قاله العقاد بأنه كلام وجيه، وتوجيه نجيب، وحجة قائمة، وطلب من حماة لغة الضاد أن يعقبوا على هذا التصويب، فسارعت مجلة المنهل، ولعلها مبادرة من صاحبها الباحث والأديب عبد القدوس الأنصاري ـ رحمه الله ـ إلى تذييل كلام الغزاوي بالتعليق: «نعم إن حماة لغة الضاد بوسعهم أن يزيفوا هذا الرأي، فالضاد فيها خير وبهجة ورضا»، موردة كلمات نضرة يشكل الضاد وجودا أساسيا في تركيبتها مثل: ضمير، ضحى، ضاحية، ورضى، مخالفة بذلك ما ذهب إليه العقاد، ولم تكتف المجلة ـ أو صاحبها ـ بذلك بل أشارت إلى أن في «الحاء» مكرهة مثل: حقد، حسد، حسرة، حماة، حقارة، حسم، حرب، الخ، وبالتالي فهي ترى أن من الأولى أن تظل اللغة العربية لغة الضاد على ما هي عليه. وقد أعجبتني جرأة العقاد في رفضه القبول بالشائع والمسلم به تقليديا، فالعربية تعلل بأنها لغة الضاد باعتبار أنها اللغة الوحيدة التي تحوي حرف الضاد من بين لغات العالم، وأن وجوده في اللغة الألبانية دخيل حدث بعد وصول الإسلام إليها، ومهما يكن الأمر فإن هذه الملاحظة تكشف قدرة العقاد الفذة على مناصرة وجهة نظره بالشواهد، فلقد طوع المفردات لما يراه لينتقي منها ما يبرر بها قوله بأن حرف «الضاد» يسمم جبين كل لفظة بمكرهة، وما يدعم منها ميله نحو «الحاء»، ولم يقل صاحب المنهل فطنة عنه حينما ألصق بـ «الحاء» العزيزة على العقاد مفردات «الحقد، والحسد، والحسرة»، ورفع من شأن «الضاد» فأبرز مفاتن كلماتها.
ويبقى التساؤل الذي يفرض نفسه لفض هذه المسألة الخلافية: هل كان العقاد محقا في مطالبته بنعت لغتنا العربية بلغة الحاء بدلا من لغة الضاد أم أنها مجرد لعبة كلمات تنبه لها صاحب المنهل فكشف كما قال زيفها؟ ولعلها فرصة للرجوع إلى معاجم اللغة قبل أن نقرر الانحياز إلى «الحـاء» أو «الضاد» في لعبة الكبـار هذه.فما رأيكم ؟؟؟
ويبقى التساؤل الذي يفرض نفسه لفض هذه المسألة الخلافية: هل كان العقاد محقا في مطالبته بنعت لغتنا العربية بلغة الحاء بدلا من لغة الضاد أم أنها مجرد لعبة كلمات تنبه لها صاحب المنهل فكشف كما قال زيفها؟ ولعلها فرصة للرجوع إلى معاجم اللغة قبل أن نقرر الانحياز إلى «الحـاء» أو «الضاد» في لعبة الكبـار هذه.فما رأيكم ؟؟؟